التطهير الان
نداء من أجل تسليم الخرائط ونزع الألغام ووقف زراعتها في اليمن
التطهير الان
نداء من أجل تسليم الخرائط ونزع الألغام ووقف زراعتها في اليمن
إلى المجتمع الدولي، والمنظمات الإنسانية، وكل من يهمه سلامة الإنسان وحقوقه الأساسية،
إلى الأطراف المسؤولة عن زرع الألغام في اليمن في مقدمتها جماعة أنصار الله" الحوثيين"
تواجه اليمن اليوم واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية على الإطلاق، حيث يستمر تهديد الألغام الأرضية في قتل وإصابة المدنيين بشكل يومي، ويقوض أي أمل في العودة إلى حياة طبيعية وآمنة. في تقريرها الأخير "حقول الموت"، كشفت مواطنة لحقوق الإنسان عن حجم المأساة المستمرة التي يعاني منها المدنيون في العديد من المناطق اليمنية، التي تحولت إلى حقول ملغمة تهدد حياتهم ومستقبلهم.
إن الألغام الأرضية، التي زرعتها أطراف النزاع في مقدمتها جماعة أنصار الله" الحوثيين"، لا يقتصر ضررها على سقوط الضحايا بين قتلى وجرحى، ويمتد ليشمل القدرة تقييد حصول المدنيين على الكثير من الحقوق والخدمات والحريات الاساسية، كالصحة والتعليم، والحق في الحصول على الغذاء أو الوصول لمصادر المياه النظيفة. ولا تزال معظم المناطق المتضررة من الألغام مغلقة أمام عمليات الإغاثة، مما يزيد من معاناة سكانها.
ومن بين الأثار السلبية والمدمرة للألغام تقويضها لسبل العيش، من خلال تعطيل الأنشطة الزراعية والتجارية، علاوة على تسببها بحرمان الأطفال من حقهم من التعليم اما بسبب تلوث الطرقات والمناطق المحيطة بالمدارس، أو بسبب تلوث المدارس نفسها، وهو ما يجعل الوضع الراهن يشكل تهديدًا موجهًا للسلامة العامة، والقدرة على تحقيق التعافي الاقتصادي والاجتماعي للمدنيين عمومًا، ويؤثر على الأطفال ومستقبلهم بشكل خاص.
لقد أظهر تقرير مواطنة "حقول الموت" حول الضحايا المدنيين لوقائع الألغام (2016-2024)، أن 96% من الألغام الأرضية المتسببة في هذه الكارثة قد تم زرعها من قبل جماعة أنصار الله (الحوثيين)، فيما تتحمل الأطراف الأخرى ما تبقى من النسبة. ورغم هذه الأرقام، فإن الأطراف المعنية في مقدمتها جماعة أنصار الله" الحوثيين" ما زالت تتنصل من مسؤولياتها في إزالة الألغام وتطهير المناطق الملوثة بها، بل وتسليم الخرائط الموضحة لأماكن انتشارها أو تحديد أماكن تواجدها، ما يعكس تجاهلًا صارخًا للقوانين الدولية الإنسانية وحقوق المدنيين، واستهتار غير مسبوق بحيوات المدنيين ومعاناتهم.
إن مأساة اليمنيين لا تتوقف عند هذا الحد. فعلى الرغم من الهدنة التي أُعلنت في 2022، والتي شكلت فرصة للأسر للعودة إلى منازلها بعد سنوات من النزوح، إلا أن حقول الألغام كانت في انتظارهم لتزيد معاناتهم. لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لتطهير المناطق الملغمة، ولم يتم تقديم خرائط واضحة للألغام أو تعويضات للضحايا، وهو ما يجعل هذه الأزمة الإنسانية تزداد تعقيد، ويعيق من قدرة السكان على العودة والعيش في منازلهم ومناطقهم الأصلية بأمان.
"نناشد بتنفيذ الإجراءات الآتية:"
1. تشكيل آليات ولجان تحقيق دولية: نطالب بتشكيل لجان دولية مستقلة للتحقيق في المسؤوليات المتورطة في زرع الألغام الأرضية في مختلف المناطق اليمنية، وتحديد الأطراف المتورطة بدقة، ومحاسبتها على هذه الانتهاكات الخطيرة. يجب أن يكون هناك تحرك دولي عاجل لتحقيق العدالة للضحايا، ومعاقبة المسؤولين.
2. إزالة الألغام وتطهير الأراضي: ندعو إلى تشكيل فرق ومجموعات عمل متخصصة وموارد مالية كافية لتنفيذ عمليات إزالة الألغام من المناطق الملوثة بها. هذه العمليات تحتاج إلى معدات متخصصة، وخبراء مدربين، وجهود مستمرة لتطهير الأراضي التي زرع فيها الألغام، خاصة في المناطق التي تشهد عودة للنازحين. يجب تخصيص تمويل عاجل لدعم هذه العمليات، وتوفير الدعم اللوجستي والإنساني اللازم.
3. وضع آليات فعالة للوقاية من الألغام: ندعو إلى تمييز المناطق الملوثة بالألغام باستخدام إشارات تحذيرية واضحة وبصورة مستمرة لتقليل عدد الضحايا من المدنيين. إضافة إلى ذلك، يجب توفير تدريب للمجتمعات المحلية على كيفية التعرف على الألغام والمخاطر المرتبطة بها، من أجل تجنب الحوادث المؤسفة.
4. الدعم الدولي لعمليات التطهير: نطالب المجتمع الدولي بتقديم الدعم العاجل لليمن في حربه ضد الألغام الأرضية، من خلال توفير التمويل، والخبرات، والموارد اللازمة للقيام بعمليات التطهير. هذا يشمل الدعم للمنظمات الإنسانية التي تعمل في هذا المجال.
5. تعزيز جهود المجتمع المدني: نهيب بالدور الذي تلعبه المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية في توعية المدنيين حول مخاطر الألغام، وتعليمهم أساليب الوقاية، وتوفير الرعاية الصحية والنفسية للضحايا. يجب أن تستمر هذه الجهود في ظل تزايد الحاجة إلى تدابير وقائية وعمليات دعم مستمرة.
6. التزام الأطراف المتورطة بالاتفاقيات الدولية: ندعو الأطراف المتورطة في النزاع اليمني، وخاصة جماعة أنصار الله (الحوثيين)، إلى الالتزام بالاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وفي مقدمتها اتفاقية "أوتاوا" لحظر الألغام الأرضية المضادة للأفراد. يجب على هذه الأطراف اتخاذ خطوات فورية نحو نزع الألغام، وعدم استخدامها في المستقبل.
إن الوضع في اليمن يتطلب تحركًا دوليًا عاجلًا. يجب أن نكون جميعًا جزءًا من حل هذه الأزمة الإنسانية العميقة، وأن نعمل معًا لإنقاذ حياة المدنيين اليمنيين، وتأمين بيئة آمنة لهم كي يتمكنوا من العودة إلى حياتهم الطبيعية. إن الانتهاكات المستمرة باستخدام الألغام تشكل جريمة حرب يجب أن يتحمل مسؤوليتها المتورطون، ويجب أن تكون المساءلة عن هذه الجرائم أولوية للمجتمع الدولي.
مواطنة لحقوق الإنسان
تاريخ: 27 نوفمبر 2024